بسيكوبيداغوجيا

منهجية التعامل مع موضوع الإمتحان في البسيكوبيداغوجي.



عبدالله زر هوني


تقديم :

تقتضي الصيغة التي بها حدد عنوان هذا "العرض" محاولة الإجابة عن التساؤلات التالية :
ـ ما طبيعة الموضوع الذي يقترح في هذا الشق من الإمتحان المهني ، أي في التربية وعلم النفس التربوي ؟
ـ هل هو من صنف واحد أم هو أصناف و أنواع؟
ـ لماذا يصنف كموضوع في التربية و علم النفس التربوي ؟
ـ ما هي المنهجية الناجعة للتعامل معه ؟
ـ هل هي منهجية واحدة ؟ أم هي في الحقيقة منهجيات ؟
ـإذا كانت منهجية واحدة : فما أهم خطواتها ؟
ـ و إذا كانت منهجيات متعددة : فكيف تتحدد ؟ و ما هي أهم المهارات الأساسية التي يجب اعتمادها فيها ؟
للإجابة عن هذه الأسئلة سوف نحاول في البداية تحديد طبيعة الموضوع الذي يقترح في الإمتحان المهني ، ونبرز بعدها مبررات تسميته بالموضوع في التربية وعلم النفس التربوي ، ونقدم في الأخير بعض النماذج لمنهجية التعامل مع بعض المواضيع التي تقترح في الإمتحان .
I ـ طبيعة الموضوع :

تجدر الإشارة إلى أن تحديدنا لطبيعة الموضوع ، الذي يقترح في الإمتحان المهني ، في مادة التربية وعلم النفس التربوي ، قد تم من خلال التأمل في مجمل المواضيع المقترحة للإمتحان من قبل وزارة التربية وتكوين الأطر والبحث العلمي مند بدء عملية الترقية بالإمتحان المهني ، دون تمييز بين الفئات التعليمية و درجاتها من حيث الوضعية الإدارية .
لقد قادنا هذا التأمل في تلك المواضيع إلى تصنيفها إلى خمسة أساسية :
1 ـ موضوع في شكل " نص " موجه بسؤال ذو مطلب واحد هو : " التحليل والمناقشة " .
2 ـ موضوع في شكل " نص " مرفق بعدة أسئلة ذات مطالب متعددة .
3 ـ موضوع في شكل مجموعة من الأسئلة المنفصلة صياغة ومضمونا .
4 ـ موضوع في شكل سؤال مفتوح .
5 ـ موضوع عبارة عن اختبار .

II ـ في التسمية :

تصنف هذه المواضيع كمواضيع في التربية وعلم النفس التربوي لاعتبارات كثيرة أهمها ثلاثة أساسية :
+ لكونها تنتمي إلى مجالات مستقلة ذات طابع بسيكوبيداغوجي إلى حد كبير،رغم تقاطعها مع مجالات أخرى قريبة منها مثل : التشريع التربوي و سوسيولوجيا التربية بالخصوص . فإذا كان التشريع التربوي يتناول مثلا مواضيع من قبيل : التدبير والتنظيم البيداغوجي ، هيكلة وتنظيم التعليم بكل مستوياته ، التقويم بكل أصنافه ومراحله ، شروط جودة التعليم والتكوين ، البرامج والمناهج والكتب المدرسية في مختلف الأسلاك ، الإيقاعات المدرسية و البيداغوجية ، استعمال تكنولوجيا الإعلام والتواصل ، تكييف المؤسسة التعليمية مع المحيط ، تنظيم عملية الدعم ، مهام التربية والتعليم ، مهام الإدارة والتسيير ...الخ ؛ و إذا كانت سوسيولوجيا التربية تهتم بمواضيع من قبيل : الشروط السوسيولوجية للتدريس الجيد ، العلاقات البينية بين الفاعلين التربويين ، الوظائف الاجتماعية للتقويم ، الأبعاد السوسيوثقافية للمدرسة ... الخ ؛ فإن مجالات البسيكوبيداغوجيا أوسع من هذه وأكثر غنى . إذ تتوزع على دوائر عريضة من قبيل : سيكولوجيا الأنساق التربوية ، سيكولوجيا المربي ، سيكولوجيا المتعلم ، سيكولوجيا التعلم (نظريات التعلم ) ، سيكولوجيا المعرفة و الذكاء ، سيكولوجيا الوضعيات التربوية ، سيكولوجيا الفعل التربوي ... و غيرها .
+ لكونها تدور حول مفهوم ذا صلة بإحدى هذه المجالات مثل ، الفشل الدراسي ، المشاريع التربوية ، أنواع البيداغوجيات ، التعلم ، التعزيز ، التحفيز ...الخ.
+ لكونها تنصب حول مشكل أو قضية ذات الصلة بإحدى تلك المجالات البسيكوبيداغوجية مثل: القيادة وأدوار القسم ، التفاعل البيداغوجي بين المدرس والمتعلم والإداري ، التواصل البيداغوجي داخل المؤسسة ، تقنيات التنشيط ...
+ لكونها تنصب حول كل ما تطرحه هذه القضايا والمفاهيم من تساؤلات وإشكالات (مثلما يتجسد في المواضيع المقترحة في الإمتحان المهني أو امتحان ولوج مراكز التكوين عموما ، والتي سنقف عند بعضها في هذا العرض ) .
ليس الموضوع الذي يقترح في الإمتحان المهني في مادة البسيكوبيداغوجيا إذن ، من صنف واحد . إنه مواضيع مختلفة شكلا ومضمونا ، وإن كانت تنتمي إلى نفس الدائرة هي دائرة البسيكوبيداغوجيا عموما ، وتتقاطع مع دوائر أخرى هي بالخصوص دائرتي سوسيولوجيا التربية والتشريع التربوي . ومادام الأمر كذلك فإن لا منهجية واحدة للتعامل معه بل منهجيات متعددة . ولأن الوقت المحدد لهذا "العرض " لا يسمح بتفصيل القول حولها جميعها ، فإن عملنا سوف يقتصر على الحديث عن ثلاثة أساسية منها ، تتعلق بالخصوص بالموضوع في شكل " النص " الموجه بسؤال "حلل وناقش " ، وبالموضوع في شكل " السؤال المفتوح " حول قضية تربوية معينة ، وبالموضوع في شكل " اختبار " ، أي بالشكل الأول و الشكل الرابع و الشكل الخمس من الأشكال التي تم ذكرها آنفا . على أن نقدم بعض التوجيهات ، في إطار المناقشة ،عن الشكلين المتبقيين ، أي عن الموضوع في شكل النص المرفق بأسئلة متعددة ذات مطالب متعددة ، و الموضوع في شكل أسئلة منفصلة في ما بينها شكلا ومضمونا .

III ـ المنهجيات :

1 ـ منهجية التعامل مع موضوع في شكل نص موجه بسؤال " حلل وناقش " .

لا يطرح مثل هذه المواضيع في الإمتحان المهني إلا نادرا ، و ذلك لما تطرحه من صعوبة تتعلق أساسا بصعوبة الكتابة المتكاملة الجوانب حول قضية تربوية ما أو حول مسألة بسيكوبيداغوجية معينة .و مع ذلك فإن الطريقة المعتمدة في تحليلها و مناقشتها لا تختلف كثيرا عن الطريقة المعتمدة عموما في تحليل ومناقشة النصوص في تخصصات أخرى مثل الأدب والفلسفة والتاريخ . ذلك أن المعمول به عادة هو تقسيم العمل إلى مراحل أو مستويات ثلاثة أساسية هي : المقدمة و العرض والخاتمة ، و اعتماد مهارات خاصة بكل مرحلة أو مستوى . وهو ما يمكن تلخيصه كالتالي في الجدول الآتي :




















المستويات
أهم المهارات
ملاحظات وتوجيهات عامة








الــمـــقـــدمــــة



ــ التمهيد

ــ الطرح الإشكالي

ــ الإعلان عن مراحل الإجابة .





ــ لصياغة تمهيد مناسب للموضوع يجب إتباع الخطوات التالية:
+ قراءة النص أكثر من مرة .
+ استخراج الأفكار الجزئية أو الإثباتات .
+ استخراج الفكرة العامة من خلالها .
+ تحديد موضوع النص .
+ تحديد طبيعة النص .
+ تحديد أطروحة النص من خلال كل ذلك .
+ تحديد الإشكال الذي تجيب عليه الأطروحة .
ــ يجب أن يكون التمهيد مناسبا للموضوع .
ــ يجب أن يكون مختصرا و عاما في شكله و محتواه .
ــ يجب أن يكون الطرح الإشكالي دقيقا في صياغته و مضبوطا
في مضمونه ، تفاديا للغموض والخروج عن الموضوع .
ــ يجب الاكتفاء فقط بطرح الإشكالات التي يجيب عليها النص
أو أطروحة النص .
ــ يجوز الإعلان عن مراحل الإجابة أو عدم الإعلان عنها .
ــ أهم مراحل الإجابة هي مهارات المستويين التحليلي و التركيبي.
















الـــــــعـــــــرض




















ــ تحديد أطروحة النص


ــ تــحلــــيــلـــــها


ــ مــنــاقــشــتــهـــا

ــ يتم تحديد الأطروحة بالجمع بين الفكرة العامة والإثباتات في
فقرة أو فقرات متماسكة و مترابطة أسلوبا وأفكارا .

ــ يتم تحليل الأطروحة بالقيام بالخطوتين التاليتين على الأقل :
+ الخروج باستنتاج جزئي من خلال التأمل في عناصر
الأطروحة ) المفاهيم ، الأفكار ....(.
+ اختيار الأساسي من تلك العناصر والتوسع في شرحه في
انسجام مع سياق النص .

ــ تتم مناقشة الأطروحة بطريقتين :
+ من داخل النص : بمحاكمتها و تبيان قيمتها و مدى أهميتها
الفلسفية ومصداقيتها . وهذا هو الذي يسمح بإبداء الرأي
الشخصي ، و ممارسة النقــد .
+ من خارج النص : باستحضار أطروحات مغايرة ، مؤيدة
لأطروحة النص أو مناقضة لها . وهذا هو الذي يسمح
بممارسة المقارنة .
ــ لا يتم التعبير عن الرأي الشخصي بشكل مباشر و باستعمال
ضمير الذات المتكلمة ) أنا أتفق / أنا أختلف ... مثلا ( .
ــ لا يكفي إعلان الإنفاق أو الإختلاف مع أحد المواقف بل
يجب التعليل .
ــ يجب تفادي استعمال الأساليب القطعية في محاكمة أطروحة
النص أو الأطروحات الأخرى .
ــ يجب ألا يتم استحضار الأطروحات المغايرة بشكل ميكانيكي
و في غياب المقارنة .





الــخــاتــمــــة
ــ خلاصة عامة

ــ إستنتاج عام

ــ تساؤلات مفتوحة


ــ يمكن الإكتفاء بالخلاصة أو بالإستنتاج ، كما يمكن إيرادهما
معا أو مر فوقين بتساؤلات مفتوحة .
ــ من الأفضل عدم ختم الموضوع بالتساؤلات وحدها .
ــ يجب أن تكون الخلاصة العامة أو الإستنتاج العام أو
التساؤلات المفتوحة في توافق مع معطيات التحليل و المناقشة. .


2 ـ منهجية التعامل مع موضوع في شكل "سؤال مفتوح ".

يأتي هذا الشكل من المواضيع دائما في صورة إشكالية مفتوحة . وحين يتعلق الأمر بالإشكالية فمعنى ذلك أن الأمر لا يتطلب إجابة واحدة نهائية أو حلا واحدا نهائيا يجب أن يتجسد في أوراق كل المترشحين ، بل فقط بمقاربة أو معالجة يكشف فيها عن المجهود الشخصي أو التفكير الذاتي للمترشح ، و عن مدى قدرته على الفهم والتحليل والنقد ...حول قضية تربوية أو مفهوم تربوي ما . ولتبيان الصعوبة التي يطرحها مثل هذا الموضوع سنشتغل على الموضوع التالي كمثال :
السؤال : إلى أي حد يمكن للتجديد المعتمد في إنتاج الكتب المدرسية أن يساهم
في تحقيق الجودة ؟
ففي مثل هذه الأسئلة :
+ يجب الإنتباه في البداية إلى الصيغة التي بها طرح السؤال وتبين رهانه : هل المطلوب منه هو التوضيح ،أم التفسير ، أم المقارنة ، أم الإستدلال ، أم التبرير ، أم الشرح ، أم إبراز مصداقية أو عدم مصداقية الفكرة المتضمنة فيه ،أم تبيان أهميتها أو عدم أهميتها ...إلخ . وواضح في هذا السؤال الذي اتخدناه كمثال ، أن الصيغة التي طرح بها هي : " إلى أي حد ...؟ " ،و ليس " كيف ؟ " أو " لماذا ؟ " أو " هل ؟ " أو " بأي معنى ؟ " ...
و مادام الأمر كذلك فإن رهان هذا السؤال يتمثل في : إبراز حدود صدق الفكرة المتضمنة فيه أو عدم مصداقيتها : أي مدى إمكانية مساهمة التجديد في إنتاج الكتب المدرسية في تحقيق الجودة في التعليم . بمعنى أن من الواجب على المترشح أن يبرز على امتداد معالجته هذه الإمكانية أو عدمها .
+يجب تبين المدخل المناسب والأفضل للإجابة . وفي حال هذا السؤال فإن المدخل المناسب هو ربما الوقوف أولا عند العناصر الأساسية المكونة له ، أي مفاهيم : الكتب المدرسية ، تجديدها ، الجودة ، وتبيان دلالاتها و ومعانيها من خلال المذكرات الوزارية والوثائق التربوية ...وغيرها .
+ يجب بعد ذلك ، توفير المادة المعرفية الضرورية والملائمة لضمان إجابة متوازنة عن السؤال المطروح .
+ يجب تصنيف عناصرها وترتيبها بحسب الأهمية و الأولوية وفي الإتجاه الذي يضمن تقديم إجابة صحيحة .
وفي حال هذا السؤال المتخذ كمثال هنا يمكن اعتبار العناصر الآتية ، مرتبة ومصنفة ، بمثابة المادة الضرورية لمعالجة السؤال المطروح :
ـ المدخل : أهمية الكتاب المدرسي كوسيلة من بين وسائل أخرى لتحقيق الجودة في التعليم :شروط إنتاج الكتب المدرسية / العلاقة بين المنتج للكتب المدرسية و الباحث والمشتغل عليها ( المدرس ـ المتعلم ) / التنافسية الحقيقية في إنتاج الكتب المدرسية ...
ـ تحليل ومناقشة رهان السؤال :الكتاب الواحد والكتب المتعددة (الإجابيات و السلبيات)/
مدى تحقق فلسفة تعددية الكتاب المدرسي في التجربة الوطنية / مدى الإرتباط بعملية البحث التربوي في إنتاج الكتب الجديدة /مدى وجود مقاربات ديداكتيكية مختلفة / مدى وجود تنافسية حقيقية بين المنتجين / مدى العمل ميدانيا بالتعددية / مدى المصداقية في إقرار الكتب الواجب استعمالها على مستو ى النيابات من قبل لجنة المدرسين والمؤطرين التربويين / مدى التزام هؤلاء ببالتوجيهات الرسمية ذات الصلة بالموضوع ....

3 ـ منهجية التعامل مع موضوع عبارة عن اختبار .

لا يتعلق الإختبار هنا في مثل هذه المواضيع بمدى تمثل المترشح و استيعابه لنظرية بسيكوبيداغوجية معينة ، أو قدرته على تفصيل القول فيها وعرضها ، بل يتعلق أساسا بمدى قدرته على توظيف مكتسباته النظرية ديداكتيكيا . ولذلك غالبا ما يأتي في صورة فكرة تصف وضعية أو حالة تربوية يترتب عنها مطلب لمعالجتها . ولتوضيح ذلك نقدم هذا المثال :
السؤال :
يعاني بعض تلاميذتك من صعوبات في مسايرة البرنامج الدراسي . ضع(ي) وضعية تعلمية لتحفيز المتعثرين على مواصلة التعلم وتجاوز تلك الصعوبات .
ففي مثل هذا الإختبار ، ينتظر من المترشح استثمار كل معارفه وتوظيف الضروري من مكتسباته النظرية . مثل : تعريف الوضعية المطروحة / إبراز خصائصها / وضع تخطيط لوضعية تعلمية / تحديد الأهداف والموارد والمدد الزمنية /اختيار تقنيات التنشيط الملائمة / تحديد أدوار المدرس و أدوار التلاميذ / تحديد أدوار المدرس و أدوار المتعلم / تحديد وضعيات التقويم المناسبة ...و هذا كله ، بعد اختيار البيداغوجيا المناسبة أو النظرية البسيكوبيداغوجية الملائمة : بيداغوجيا المشروع / بيداغوجيا الإدماج / البيداغوجيا الفارقية ....وغيرها .


 
استطلاع
 


هل تثق في مشروع اصلاح التعليم المغربي؟
نعم
لا

(Afficher le résultat)


لتكن لديك الشجاعة على استخدام عقلك
 
فضاء للتفكير العقلاني
في قضايا التربية و التكوين
فكرة اليوم
 
إننا لا نرى في العالم سوى ما
نحتاج لرؤيته فيه
 

تاريخ اصدار الموقع: 23- 02- 2012
 
موقع يجدد كل يوم حسب أبوابه
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement