أخبار المراكز الجهوية

المرسوم الوزاري بشأن تنظيم المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين، و ماذا بعد؟


المصادقة في مجلس الحكومة ليوم الخميس 23 يوليوز 2015 على مرسوم يقضي بتقليص منحة الطلبة الأساتذة المتدربين بالمراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين، و أيضا الاقرار بضرورة اجتياز مبارة التوظيف في نهاية استكمال التكوين. و يعد هذا القرار في نظر الكثير من الشباب الذي كان ينتظر فرصة للتوظيف عبر ولوج مباريات المراكز الجهوية قرارا قاسيا في حقهم.

لكن الصمت الذي رافق اصدار القرار سواء من جهة الحكومة عبر ناطقها الرسمي أو  عبر وزارة التربية الوطنية  جعل الكثيرين يذهبون بعيدا في تأويل سلبي للقرار، علما أنه لن يضر بالوضعية النظامية للمدرسين الجدد، بل يسير في مصلحتهم.

و من جملة ما يمكن أن نشرح به اصدار القرار نذكر ما يلي:

1 – إن التقرير الذي اصدره المجلس الأعلى للتعليم باعتباره خارطة اصلاح منظومة التربية و التكوين في افق 2030 نص صراحة على ضرورة اعادة النظر في شروط الولوج و عدة التأهيل البيداغوجي، و تنويع المسالك الجامعية في التربية.

2- بعد خروج المدارس العليا للأساتذة من دائرة تكوين الأساتذة و الحاق هذه المهمة بالمراكز الجهوية باعتبارها المؤسسة المهنية الوحيدة المخولة قانونيا لذلك، و نظرا لحالة الشلل الذي وقعت فيها المدارس العليا، و لتمكين عدد اكبر من حملة الشهادات من التأهيل لولوج الشغل في القطاع الخاص تم اطلاق مبادرة 10000 إطار، لكنها ظلت دون مستوى انتظارات القطاع الخاص نظرا لضعف التكوين البيداغوجي و المهني لهذه الأفواج. و القرار الجديد يحاول أن يعيد المدارس العليا للعب دور التكوين من خلال خلق اجازات في التربية و التعليم تكون بوابة عبور للراغبين في ولوج المراكز الجهوية للاستفادة من سنة للتكوين البيداغوجي المهني.

3- نص مشروع المجلس الأعلى للتعليم على ضرورة اعتماد  قاعدة الاجازة التعليمية التي ستفتح في وجه حملة الباكلوريا الذين سيحصلون بعد 3 سنوات من التكوين على اجازة مهنية في التربية سواء في المراكز الجهوية بالنسبة للسلك الابتدائي و الاعدادي أو في المدارس العليا بالنسبة للسلك التأهيلي، على أن يستفيد الجميع من السنة الرابعة للتأهيل البيداغوجي في المراكز الجهوية.

4 – يعرف الجميع أن تدني المستوى المعرفي و ضعف الكفاءات الذي اصبحت تتسم به غالبية خريجي الجامعات، و الضغط على قطاع التعليم باعتباره اكبر القطاعات للتشغيل في الوظيفة العمومية، دفع بالمراكز الى اعتماد ما يسمى باختبارات الأسئلة ذات الأجوبة المتعددة QCM، و هو ما لا يسمح بافتحاص حقيقي لقدرات المترشحين، الشيء الذي جعل المكونين بالمراكز الجهوية يدقون ناقوس الخطر و يطالبون باعتماد نمط اختبارات جديدة و نوعية، و يطالبون أيضا باعتماد عدة للتكوين غير تلك التي اعتمدت في السنتين الأخيرتين.

5- كان هناك تعارض قانوني في وضعية المتخرجين، فبحكم اجتيازه لامتحان التخرج يعتبر استاذا ، لكن بعد التعيين يظل استاذا متدربا الى حين حصوله على الكفاءة المهنية من طرف المفتش. و في السنوات الأخيرة لا يتردد المفتشون و رجال الادارة من التعبير على استياءهم الشديد من ضعف مستوى التأهيل البيداغوجي و المعرفي للأساتذة الجدد، بل أن عددا منهم لم يحصل على اقرار الكفاءة التربوية، مما يعني أن هناك تضاربا صريحا بين نظام الأكاديميات و سلطتها التربوية و القانونية على الاساتذة الجدد، و نظام المراكز باعتبارها مؤسسات للتعليم العالي المستقلة عن الجامعات و غير الخاضعة لسلطة الأكاديميات. فالقرار جاء ليحد من هذا التضارب و ليعطي لكل مؤسسة قسما من مسؤولياتها، فالمراكز تكون الأساتذة  و الأكاديميات توظفهم حسب احتياجاتها، طبعا تحت وصاية وزارة التربية الوطنية المسؤولة عن تنظيم مباريات التوظيف. فالقرار الجديد سيجعل الاساتذة المتخرجين رسميين بالمعنى القانوني و الوظيفي للكلمة بعد اجتيازهم مبارة التوظيف، و يخفف الضغط على هيئة التفتيش التربوي، لقلة عدد اطرها واتساع المقاطعات التربوية التي يشرفون عليها، و لكثرة طالبي الكفاءة التربوية من الأساتذة خريجي المراكز.

6- فيما يتعلق بالمنحة، في السنتين الأخيرتين كان الطلبة الاساتذة يحصلون على منحة يساوي مبلغها الراتب الأساسي للدرجة التي سيوظفون بها، و كأنهم قانونيا اساتذة لكن من دون تعويضات المهام النظامية باستثناء التعويضات العائلية. و هذا كان قرارا لرئيس الحكومة لتحسن ظروف المتدربين بالمراكز. غير أن وزارة المالية ظلت تعارض القرار لأنه ينطوي على تعارض قانوني، لأن الاساتذة المتدربين لم يحصلوا على صفحة الأساتذة إلا بع اجتيازهم لامتحان التخرج و انجاز بحث و النجاح في فيهما. لذلك كان من الضروري العودة الى صيغة منحة التدريب مع تقليص مبلغها الى النصف، و مع اضافة اربعة اشهر لتصل الى 12 شهرا بدل ثمانية.

7 – إن اعتماد صيغة الباكلوريا +3 سنوات للحصول على اجازة تعليمية و سنة واحدة للحصول على الأهلية التربوية من المراكز الجهوية، سيفرض تطبيقه اعتماد التكوين بنظامين: الجديد، و  القديم المفتوح في وجه حاملين الاجازات الأساسية. و سيتعايش النظامان لمدة اربع سنوات كفترة انتقالية، بعدها سيحذف النظام القديم.

و مهما تكن الصعوبات التي يطرحها المرسوم الجديد، فهو لا يقلل من فرص التشغيل، بل سيزيدها، و لكن مع ادخال اجراءات جديدة سترفع من جودة التكوين و التأهيل في مهن التعليم التي تعد مهنا ذات حساسية شديدة نظرا لآثارها على جودة الخدمات الاجتماعية و الاقتصادية . فالكل يقر بأن المدرسة لا تضمن جودة تعليمية، و المدخل الأول لهذا التدني هو ضعف قدرات المترشحين و في نفس الوقت ضعف جودة التكوين لما تعرفه المراكز الجهوية من تخبط في التسيير و عشوائية في تصور و بناء عدد التكوين.

لكن يبقى الثابت الأساسي هو أن ينصرف الجميع الى التحضير الجيد و الاستعداد الجدي لمباريات ولوج المراكز، و ترك تفاصيل التخرج و المنحة و ما شابه ذلك الى حينه، أي الى ما بعد النجاح في مباريات الولوج، لأن الاهتمام بهذه التفاصيل يشتت التركيز و يضعف العزائم.

طبعا نحن نتحفظ على  الصيغة التي جاء بها المرسوم، و نعترف بآثاره السلبية، و في نفس الوقت لا نغمض اعيننا على ايجابياته.

و بدل لعن الظلام فالجدير بنا أن نشعل و لو شمعة لنضيء منعرجات الدرب الشائك.

و الله المستعان و الموفق للجميع لما فيه خير البلاد و العباد.

من سيؤول وجهة نظري على وجه أنني ادافع على الحكومة، و يجد في نفسه رغبة في شتمي و سبي فيمكنه ذلك، و من هو غاضب لأنه يريد أن يتخلص من العطالة بولوج التعليم و كأنه سور قصير فمن حقه سبي و شتمي.

لكنني أتوجه بكلامي الى من يقدرون على الفهم و التمحيص و النقاش و الحوار و ابداء الرأي المنظم و الملتزم بأدب النقاش و فضائل الخلق الفكري.

و أتوجه بكلامي الى من يملكون أملا و مقدرة على الاجتهاد لخوض غمار مباريات الدخول، حتى يجبنوا انفسهم الاحباط الذي ينشره بعض الفاشلين في نفوسهم حتى يعم الفشل الجميع  و ترتاح قلوبهم المريضة و الحاقدة.

  


 

 
استطلاع
 


هل تثق في مشروع اصلاح التعليم المغربي؟
نعم
لا

(Afficher le résultat)


لتكن لديك الشجاعة على استخدام عقلك
 
فضاء للتفكير العقلاني
في قضايا التربية و التكوين
فكرة اليوم
 
إننا لا نرى في العالم سوى ما
نحتاج لرؤيته فيه
 

تاريخ اصدار الموقع: 23- 02- 2012
 
موقع يجدد كل يوم حسب أبوابه
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement